الخميس، 19 أغسطس 2010

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)}
مقتطفات من تفسير السعدي:
يقول تعالي لنبيه :" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا" أي علمناه كتاب الله فصار العالم الكبير" فَانْسَلَخَ مِنْهَا" أي انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات الله فإن العلم بذلك يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق ويرقي إلي أعلي المقامات وأرفع الدرجات. فترك هذا (كتاب الله) وراء ظهره ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب وخلعها كما يخلع اللباس فلما انسلخ منها " أَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ " أي تسلط عليه، حين خرج من الحصن الحصين وصار إلي أسفل سافلين فأزه إلي المعاصي أزا " فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ " بعد أن كان من الراشدين المرشدين وهذا لأن الله تعالي خذله ووكله لنفسه، فلهذا قال :" وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا" بأن نوفقه للعمل بها فيرتفع في الدنيا والآخرة فيتحصن من أعدائه " وَلَكِنَّهُ" فعل ما يقتضي الخذلان ، إذ " أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ" أي إلي الشهوات السفلية والمقاصد الدنيوية " وَاتَّبَعَ هَوَاهُ" وترك طاعة مولاه " فَمَثَلُهُ" في شدة حرصه علي الدنيا وانقطاع قلبه إليها " كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ" أي لايزال لاهثا في كل حال ولا يزال حريصا ، حرصا قاطعا قلبه، لا يسد فاقته شئ من النيا.
" أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ" أي ركن إلي الدنيا ورضي بها وتقاعس.

سبحان الله .....كم من مرة قرأت هذه الآية ومررت عليها مرور الكرام تخيلا أنها تتحدث عن شخص معين ولها قصة معينة وللأسف الشديد وأرجو أن يسامحني الله كنت أتخيل فعلا أن المعاني "لرفعناه" " أخلد" فعلا علي المعني الدارج الظاهر لنا.
لم أتخيل في أي مرة من المرات إني مخاطبة بهذه الآية ....رحماك ربي كم من آية في كتابك تجاهلت وربما لازلت أتجاهل خطابها لي ..... ومن المفترض أني من أهل القرآن......ولكن مهلا هذا هو الاختبار الحقيقي لهذا السؤال المحير هل أنا من أهل القرآن أم لا؟
ومن الواضح أن الاجابة أن الوقت لازال مبكرا جدا أن اقترب من هذه المنطقة.....لازال أمامي الكثير والكثير.....كم كنت عمياء طوال هذه السنين الماضية ، نعم كنت أقول بلساني يلزمني علم كثير لكن قلبي ماذا كان يقول ؟ الآن في هذه اللحظة فقط قلبي يقول أنا لا أحمل أي علم أنا أحمل فقط ألفاظ لا أفهم 99% منها حقيقة الفهم.
بالرغم من ذلك أشعر أن الآيات تحكي قصتي ، لا لم أكن عالمة كبيرة ولكن كنت علي الأقل مختبأة أحتمي في جنبات الحصن الحصين.....كنت أحاول أن اقترب من هذا الحصن مهما اشتدت الظروف كان ورد تلاوتي أغلي عندي من أي شئ ، كان رغبتي في الفهم والتعلم أقوي من أي رغبة وأي دافع، كان قلبي يحب الله بصدق فيرغب أن يقترب ويقترب ، كنت استأنس بالله وكنت أفضل وحدتي وأطلبها عن أي صحبة في الدنيا .......في هذه الحالة كنت في حماية............
ولكن عندما تعطلت بوصلتي وتوجهت لقبلة خطأ متوهمة أنها الحقيقة لم ألاحظ أن حصني قد تهدم وأني أوكلت إلي نفسي .............
رحماك ربي أعدني إلي حصني ولا تكلني إلي نفسي...........
لفظ (انسلخ منها) في الآية تشعرني بالجهد أي أنه بذل جهد لكي ينسلخ ...لم تكن عملية سهلة في خطوة واحدة ولكن كانت عملية طويلة من خطوات وسلسلة من التنازلات...نعم للأسف تنازلت عن طوبة طوبة من حصني حتي لم أعد أملك أي جدار احتمي به.
آه يا نفسي لماذا تتعجبي من النتيجة؟ فهي معادلة بسيطة وسنة كونية من سنن الله.....أنت انسلخت من حماية الله فماذا كنت تنتظري؟
ربي إنك لاتمحو الخبيث بالخبيث ولكن تمحو الخبيث بالطيب فيارب اقبل توبتي وامحو ما كان وارزقني ما سيكون واجعله طيبا خالصا لوجهك ، رب ارزقني صدق التوجه إليك....يارب ارزقني الشوق إلي لقائك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق